فصل: الاعتداء على الحامل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


حارصة

التّعريف

1 - الحارصة في اللّغة من الحرص، ومن معانيه الشّقّ والخرق، ومنه قيل‏:‏ حرص القصّار الثّوب أي شقّه وخرقه بالدّقّ‏.‏ والحارصة في الاصطلاح نوع من الشّجاج وهي الشّجّة الّتي تحرص الجلد أي تخدشه وتشقّه قليلا وتقشره شيئا يسيرا ولا تدميه‏.‏ والحارصة تسمّى الخادشة والقاشرة أيضا‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الدّامية‏:‏

2 - وهي الشّجّة الّتي تحدث الشّقّ في الجلد وتسيل الدّم، وتسمّى البازلة والدّامعة، وقد فرّق الحنفيّة بين الدّامعة والدّامية، بأنّ الأولى تظهر الدّم كالدّمع ولا تسيله، والدّامية هي الّتي تسيل الدّم‏.‏

ب - الباضعة، وهي الشّجّة الّتي تبضع اللّحم أي تقطعه وتشقّه بعد الجلد‏.‏

ج - المتلاحمة‏:‏ وهي الّتي تغوص في اللّحم وتشقّه أكثر من الباضعة دون العظم‏.‏ وقال المالكيّة‏:‏ إنّ المتلاحمة هي الّتي غاصت في اللّحم بتعدّد، أي يمينا وشمالا ولم تقرب للعظم، فإن انتفى التّعدّد فباضعة‏.‏

د - السّمحاق‏:‏ وهي الّتي تصل إلى القشرة الرّقيقة بين اللّحم والعظم والّتي تسمّى سمحاقا، ولهذا تسمّى الجراح الواصلة إليها سمحاقا‏.‏ وهذه الأربع تشترك مع الحارصة في الحكم في الجملة وهو أنّ في كلّ نوع منها حكومة عدل‏.‏ وهناك أنواع أخرى من الشّجاج في بعضها قصاص كالموضحة، وهي الّتي توضح العظم وتبدي بياضه، وفي بعضها دية مقدّرة ولا قصاص، كالهاشمة، والمنقّلة، والآمّة والجائفة، مع خلاف وتفصيل، وينظر حكم كلّ واحد منها في مصطلحاتها‏.‏

الحكم الإجمالي

3 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة وهو رواية عند الحنفيّة، إلى أنّه لا قصاص في الحارصة وإن كانت عمدا، وإنّما تجب فيها حكومة عدل، إذ ليس فيها أرش مقدّر من جهة السّمع، ولا يمكن إهدارها، فوجب فيها حكومة عدل‏.‏ ولمعرفة كيفيّة تقدير حكومة العدل انظر مصطلح ‏(‏حكومة عدل‏)‏‏.‏

4 - وقال المالكيّة‏:‏ وهو ظاهر المذهب عند الحنفيّة بوجوب القصاص في الحارصة، وأخواتها ما قبل الموضحة، وذلك بالقياس طولا وعرضا وعمقا، والقصاص قول ثان للشّافعيّة أيضا في غير الحارصة إذا تيسّر استيفاؤه، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏والجروح قصاص‏}‏، ولأنّه يمكن ضبطه واعتبار المساواة فيه بأن يسبر غورها بمسبار ثمّ يتّخذ حديدة بقدره فيقطع‏.‏ واستثنى الحنفيّة السّمحاق فلا قود فيها، كما لا قود عندهم في ما بعدها من الهاشمة والمنقّلة وغيرهما‏.‏

مواطن البحث

5 - يذكر الفقهاء أحكام الحارصة وأخواتها من الشّجاج والجراح في أبواب الجنايات والدّيات والقصاص‏.‏ فينظر تفصيلها في مصطلحاتها وأبوابها‏.‏

حافد

انظر‏:‏ حفيد

حاقب

انظر‏:‏ حاقن

حاقن

التّعريف

1 - الحاقن لغة‏:‏ من حقن الشّيء يحقنه حقنا حبسه فهو محقون وحقين، وحقن الرّجل بوله حبسه، وبعير محقان يحقن البول فإذا بال أكثر منه واحتقن المريض احتبس بوله‏.‏ والحاقن هو الّذي له بول شديد‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏{‏لا رأي لحاقن، ولا لحاقب، ولا لحازق‏}‏‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الحاقب‏:‏

2 - الحاقب لغة من حقب بالكسر فهو حقب إذا تعسّر عليه البول، أو احتبس، والحاقب أيضا هو الّذي احتاج إلى الخلاء فلم يتبرّز أو حصر غائطه وفي الحديث‏:‏ ‏{‏لا رأي لحاقن، ولا لحاقب ولا لحازق‏}‏‏.‏ والحقب حبل يشدّ به رحل البعير إلى بطنه كي لا يتقدّم إلى كاهله وهو غير الحزام، والحقبة من الدّهر مدّة لا وقت لها، والأحقاب الدّهور، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لابثين فيها أحقابا‏}‏‏.‏ وحقبت السّماء حقبا إذا لم تمطر، وحقب المطر حقبا إذا احتبس، وكلّ ماء احتبس فقد حقب‏.‏ والحاقب في اصطلاح الفقهاء‏:‏ هو المدافع للغائط‏.‏

ب - الحصر‏:‏

3 - الحصر هو احتباس البطن وقد حصر وأحصر ويقال حصر غائطه وأحصر بغائطه وحصر عليه بوله وخلاؤه‏.‏ والحصر مصدر حصر يحصر حصرا، إذا لم يقدر على الكلام، والحصور الكتوم للسّرّ الحابس له لا يبوح به، وحصر صدره ضاق وحصره المرض والعدوّ، وأحصره إذا حبسه ومنعه من المضيّ لحاجته‏.‏

ج - الحازق‏:‏

4 - الحازق المحصور بالرّيح، والحاقب المحصور بالبول والغائط، وقيل الحازق المحصور بالبول والغائط، وقيل‏:‏ الحازق الّذي ضاق خفّه فحزق قدمه أي ضغطها‏.‏ ‏(‏الحكم التّكليفيّ‏)‏‏:‏

5 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ صلاة الحاقن وهو المدافع للبول، وصلاة الحاقب وهو المدافع للغائط مكروهة أي كراهة تنزيه‏.‏ وذهب الحنفيّة إلى أنّها مكروهة تحريما لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏لا صلاة بحضرة الطّعام ولا وهو يدافعه الأخبثان‏}‏‏.‏ والحكمة في النّهي عن ذلك أنّه يخلّ بالخشوع وبذلك يستحبّ له أن يفرغ نفسه من ذلك قبل دخول الصّلاة وإن فاتته الجماعة‏.‏ وفي قول للشّافعيّة‏:‏ يستحبّ للحاقن أو الحاقب أن يفرغ نفسه من ذلك وإن فاته الوقت‏.‏ وتختصّ الكراهة عند الشّافعيّة والحنابلة بما إذا بدأ الصّلاة وهو حاقب، أمّا إذا طرأ له وهو في الصّلاة فليس له الخروج من الصّلاة إذا كانت مفروضة إلاّ إن ظنّ بكتمه ضررا‏.‏ أمّا عند الحنفيّة فصلاة الحاقب أو الحاقن مكروهة، سواء طرأ له ذلك قبل شروعه في الصّلاة أو بعد شروعه فيها، فإن شغله ذلك عن الصّلاة قطعها إن لم يخف فوات الوقت، وإن أتمّها على هذه الحالة أثم، لما رواه أبو داود‏:‏ ‏{‏لا يحلّ لرجل يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يصلّي وهو حقن حتّى يتخفّف‏}‏ ومثله الحاقب‏.‏ وإلى هذا ذهب بعض الشّافعيّة‏.‏ وذهب القاضي حسين من الشّافعيّة وبعض الحنابلة إلى أنّه إذا انتهت به مدافعة الأخبثين إلى أن ذهب خشوعه لم تصحّ صلاته لحديث مسلم‏:‏ ‏{‏لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان‏}‏‏.‏ ويرى المالكيّة أنّ صلاة الحاقن والحاقب باطلة إذا كان في الإتيان بها معه مشقّة أو مشغلة‏.‏

قضاء الحاقن

6 - ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة وهو أحد القولين لدى الحنابلة إلى أنّه يكره للقاضي أن يقضي وهو حاقن أو حاقب ‏;‏ لأنّ ذلك يمنع حضور القلب واستيفاء الرّأي ويشغل الفكر الموصّل إلى إصابة الحقّ غالبا ولأنّه في معنى الغضب الّذي ورد فيه قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان‏}‏‏.‏ ولكن إذا حكم القاضي وهو بهذه الحالة نفذ قضاؤه‏.‏ وذهب الحنابلة في الرّاجح عندهم إلى أنّه يحرم قضاء القاضي وهو حاقن أو حاقب‏.‏ فإن خالف وحكم فأصاب الحقّ نفذ حكمه‏.‏ وفي قول آخر للحنابلة‏:‏ لا ينفذ قضاؤه في هذه الحالة ‏;‏ لأنّ النّهي يقتضي فساد المنهيّ عنه‏.‏ وجرى مثل هذا الخلاف بين الحنابلة في إفتاء الحاقن والحاقب‏.‏ فمنهم من قال‏:‏ بتحريمه وعدم صحّته‏.‏ ومنهم من قال‏:‏ لا يفتي المفتي وهو حاقب أو حاقن، فإن أفتى وأصاب صحّت فتواه مع الكراهة‏.‏

حاكم

التّعريف

1 - الحاكم في اللّغة‏:‏ اسم فاعل من‏:‏ حكم بمعنى‏:‏ قضى‏.‏ يقال حكم عليه، وحكم له‏:‏ والوصف‏:‏ حاكم وحكم، والحكم من أسماء اللّه الحسنى‏.‏ والحاكم في الاصطلاح الفقهيّ‏:‏ هو اسم يتناول الخليفة، والوالي، والقاضي، والمحكّم، إلاّ أنّه عند الإطلاق في عبارات الفقهاء ينصرف إلى القاضي‏.‏ ولهذا جاء في المجلّة في تعريف الحاكم‏:‏ الحاكم هو‏:‏ الّذي نصب وعّين من قبل السّلطان لأجل فصل، وحسم الدّعوى، والمخاصمة الواقعة بين النّاس توفيقا لأحكامها‏.‏ والمراد بالحاكم عند الأصوليّين في تقسيمات الحكم هو اللّه سبحانه فهو الشّارع والمكلّف بالأحكام‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - المحتسب‏:‏

2 - المحتسب‏:‏ من الاحتساب الّذي هو طلب الأجر، وفي الشّرع‏:‏ هو من يأمر بالمعروف إذا ظهر تركه وينهى عن المنكر إذا ظهر فعله، كما قال الماورديّ‏.‏ ويتولّى ضبط الموازين والمكاييل، وسائر أمور الحسبة‏.‏ فالفرق بينه وبين الحاكم أنّ المحتسب ليس من عمله الفصل في الخصومات‏.‏

ب - المفتي‏:‏

3 - المفتي‏:‏ هو من يبيّن الحكم الشّرعيّ بدون إلزام‏.‏ أوّلا - الحاكم عند الأصوليّين المتكلّمين‏:‏

4 - لا خلاف بين المسلمين في أنّ الحاكم حقيقة هو اللّه سبحانه وتعالى فهو القاهر فوق عباده لا ينفذ في خلقه إلاّ ما شاء، وأنّه يأمر العباد وينهاهم، ويجب على العباد أن يطيعوه، فيثابون بالطّاعة، ويعاقبون بالمعصية‏.‏ كما لا خلاف بينهم في أنّه يطلق لفظ الحاكم على الخليفة والقاضي بمعنى من إليه فصل الخصومات‏.‏ والتّفصيل في الملحق الأصوليّ‏.‏ ثانيا - الحاكم عند الفقهاء‏:‏ الحكم التّكليفيّ في تولية الحاكم‏:‏

5 - تنصيب الحاكم بمعنى إمام المسلمين فرض بشروط وقواعد تنظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏إمامة كبرى‏)‏‏.‏ وأمّا الحاكم بمعنى القاضي فقد أجمع الفقهاء على أنّ تولّي القضاء فرض كفاية، فإن ولي من يصلح له يسقط الإثم عن الباقين، وإلاّ أثموا جميعا، وتنصيب الحاكم فرض على الإمام، لأنّه ينصب لإقامة أمر مفروض، وهو فصل الخصومات بين النّاس، والإمام هو القائم بأمر الرّعيّة المتكلّم باسمهم المسئول عنهم فيجب عليه تعيين القضاة في كلّ الأنحاء ‏;‏ لقوله تعالى‏:‏ لنبيّه‏:‏ ‏{‏فاحكم بينهم بما أنزل اللّه‏}‏‏.‏ ولفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده ولمساس الحاجة إليه لتقييد الأحكام، وإنصاف المظلوم ‏;‏ وقطع المنازعات الّتي هي مادّة الفساد وغير ذلك من المصالح العامّة‏.‏ وتنصيب الحاكم من اختصاص الإمام أو نائبه بإذنه‏.‏ ولا تثبت ولايته إلاّ بتولية الإمام، أو نائبه بإذنه ‏;‏ لأنّها من المصالح العامّة المنوطة بالإمام، كعقد الجزية، والهدنة، فلم تجز إلاّ من جهة الإمام‏.‏ وهناك تفصيل في تولية الحاكم وما تنعقد به ولايته وشروطه واختصاصاته وتعدّده وقابليّة أحكامه وتقريراته للنّقض وغير ذلك ينظر في‏:‏ ‏(‏قضاء‏)‏‏.‏

حامل

التّعريف

1 - الحامل في اللّغة الحبلى وهو اسم فاعل من حمل الشّيء حملا، والحمل أيضا، ما يحمل في البطن من الولد وجمعه أحمال وحمّال، يقال‏:‏ حملت المرأة الولد وحملت به علقت فهي حامل بغير هاء ‏;‏ لأنّها صفة مختصّة بالإناث، وربّما قيل حاملة‏.‏ وتستعمل في كلّ أنثى من الإنسان والحيوان‏.‏ يقال‏:‏ حبلت المرأة، وكلّ بهيمة تلد حبلا إذا حملت بالولد، فهي حبلى‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ الحبل مختصّ بالآدميّات، وأمّا الحمل فيشمل الآدميّات والبهائم والشّجر ويقال فيها‏:‏ ‏(‏حمل‏)‏ بالميم‏.‏ أمّا حمل المتاع فيقال فيه حامل للذّكر وحاملة بالهاء للأنثى ‏;‏ لأنّها صفة مشتركة، والحمل‏:‏ ما يحمل على الظّهر ونحوه‏.‏ وتنظر أحكام حمل المتاع في مصطلح‏:‏ ‏(‏حمل‏)‏ ‏(‏وإجارة‏)‏‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الحائل‏:‏

2 - الحائل هي الأنثى الّتي لم تحمل فهي مقابل الحامل‏.‏ أحكام الحامل‏:‏ أوّلا‏:‏ بالنّسبة للمرأة‏:‏ دم الحامل‏:‏

3 - الغالب عدم نزول الدّم من الحامل ‏;‏ لأنّ فم الرّحم ينسدّ بالحبل عادة، ولا ينفتح إلاّ بخروج الولد حيث يندفع النّفاس‏.‏ فإذا رأت الحامل دما حال الحمل وقبل المخاض يكون دم استحاضة عند الحنفيّة والحنابلة، وهو القول القديم للشّافعيّ، إلاّ أنّ الحنابلة اعتبروا الدّم النّازل من الحامل قبل ولادتها بيوم أو يومين نفاسا‏.‏ والاستحاضة لا تسقط الصّلاة، ولا تحرّم الصّوم اتّفاقا، ولا الجماع عند جمهور الفقهاء، بخلاف النّفاس الّذي يسقط الصّلاة ويحرّم الصّوم والوطء‏.‏ وذهب المالكيّة والشّافعيّة في الجديد إلى أنّ الدّم النّازل من الحامل يعتبر حيضا يمنع الصّوم والصّلاة والوطء، لكنّه لا يحسب من أقراء العدّة‏.‏ أمّا الدّم الّذي تراه الحامل بين الولادتين في أقلّ من ستّة أشهر ففيه عند الفقهاء رأيان‏:‏ الأوّل‏:‏ أنّه دم نفاس يمنع الصّوم، والصّلاة، والوطء ‏;‏ لأنّه دم خارج عقيب الولادة‏.‏ وهذا رأي أبي حنيفة وأبي يوسف وهو المشهور عند المالكيّة وقول عند الشّافعيّة ورواية عند الحنابلة‏.‏ الثّاني‏:‏ أنّه دم استحاضة لا يمنع من الصّلاة والصّوم والجماع ‏;‏ لأنّ النّفاس يتعلّق بوضع ما في البطن، وهي لا تزال حبلى، وهذا رأي محمّد وزفر من الحنفيّة وهو قول عند المالكيّة والشّافعيّة ورواية عند الحنابلة‏.‏ واتّفق الجميع على أنّ انقضاء العدّة يكون بولادة الثّاني ‏;‏ لأنّه يتعلّق بفراغ الرّحم ولم يحصل بولادة الأوّل‏.‏ وتفصيل هذه المسائل في مصطلح‏:‏ ‏(‏استحاضة ف 22 - 25‏)‏ وتوأم ‏(‏ج 14‏)‏ وانظر أيضا مصطلح‏:‏ ‏(‏حيض، نفاس‏)‏‏.‏

إفطار الحامل في رمضان

4 - يجوز للحامل أن تفطر إن خافت ضررا بغلبة الظّنّ على نفسها وولدها، ويجب ذلك إذا خافت على نفسها هلاكا أو شديد أذى، وعليها القضاء بلا فدية، وهذا باتّفاق الفقهاء‏.‏ واتّفقوا كذلك على عدم وجوب الفدية إذا أفطرت الحامل خوفا على نفسها ‏;‏ لأنّها بمنزلة المريض الخائف على نفسه‏.‏ ولا يجب عليها الفدية كذلك إذا أفطرت خوفا على ولدها عند الحنفيّة والمالكيّة وهو قول عند الشّافعيّة ‏;‏ لأنّ الحمل متّصل بالحامل، فالخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها ‏;‏ ولأنّ الفدية ثبتت على الشّيخ الفاني بخلاف القياس لأنّه لا مماثلة بين الصّوم والفدية، والفطر بسبب الخوف على الولد ليس في معناه‏.‏ وقال الحنابلة والشّافعيّة في الأظهر عندهم‏:‏ إذا أفطرت الحامل خوفا على ولدها فعليها مع القضاء الفدية ‏(‏طعام مسكين عن كلّ يوم‏)‏ لما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنه في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وعلى الّذين يطيقونه فدية طعام مسكين‏}‏ أنّه نسخ حكمه إلاّ في حقّ الحامل والمرضع إذا خافتا على أولادهما‏.‏

نكاح الحامل

5 - الحامل من غير الزّنى، أي من كان حملها ثابت النّسب لا يصحّ نكاحها لغير من ثبت النّسب منه قبل وضع الحمل باتّفاق الفقهاء ‏;‏ لأنّ الحمل إذا كان ثابت النّسب من الغير، سواء أكان من نكاح صحيح أم فاسد أم وطء شبهة لزم حفظ حرمة مائه بالمنع من النّكاح ‏;‏ ولأنّ عدّة الحامل لا تنتهي إلاّ بوضع الحمل ولا يجوز نكاح معتدّة الغير أثناء العدّة لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تعزموا عقدة النّكاح حتّى يبلغ الكتاب أجله‏}‏ أي ما كتب عليها من التّربّص‏.‏ ويجوز نكاح الحامل المطلّقة البائن بينونة صغرى لمن له الحمل أي الزّوج السّابق ‏;‏ لأنّ العدّة حقّ الزّوج فلا يمنع من التّصرّف في حقّه‏.‏ أمّا المطلّقة ثلاثا ‏(‏البائن بينونة كبرى‏)‏ فلا يجوز نكاحها إلاّ بعد وضع الحمل اتّفاقا‏.‏ واختلف الفقهاء في صحّة نكاح الحامل من زنى‏:‏ فقال المالكيّة والحنابلة وأبو يوسف من الحنفيّة‏:‏ لا يجوز نكاحها قبل وضع الحمل، لا من الزّاني نفسه ولا من غيره وذلك لعموم قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏لا توطأ حامل حتّى تضع‏}‏‏.‏ ولما روي عن سعيد بن المسيّب أنّ ‏{‏رجلا تزوّج امرأة فلمّا أصابها وجدها حبلى فرفع ذلك إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ففرّق بينهما‏}‏‏.‏ وذهب الشّافعيّة وأبو حنيفة ومحمّد إلى أنّه يجوز نكاح الحامل من الزّنى ‏;‏ لأنّ المنع من نكاح الحامل حملا ثابت النّسب لحرمة ماء الوطء، ولا حرمة لماء الزّنى بدليل أنّه لا يثبت به النّسب ‏;‏ لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏الولد للفراش وللعاهر الحجر‏}‏‏.‏ ولا تشترط التّوبة لصحّة نكاح الزّانية عند جمهور الفقهاء ‏;‏ لما روي أنّ عمر ضرب رجلا وامرأة في الزّنى وحرص على أن يجمع بينهما‏.‏ واشترط الحنابلة التّوبة لجواز نكاح الحامل من الزّنى لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏الزّانية لا ينكحها إلاّ زان‏}‏‏.‏‏.‏‏.‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وحرّم ذلك على المؤمنين‏}‏ وهي قبل التّوبة في حكم الزّنى، فإذا تابت زال ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «‏{‏التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له‏}‏‏.‏ ومع القول بجواز نكاح الحامل من الزّنى فلا فرق في حلّ نكاحها للزّاني وغيره‏.‏ واتّفق الفقهاء على أنّ الحامل إذا تزوّجت بغير من زنى بها لا يجوز وطؤها حتّى تضع لما روي عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ أنّه قال‏:‏ ‏{‏من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يسقينّ ماءه زرع غيره‏}‏ ‏"‏ وتفصيله في مصطلحات‏:‏ ‏(‏عدّة، نكاح، زنى‏)‏‏.‏ وإذا تزوّجها من له الحمل جاز له وطؤها عند من يجوّزون نكاحها‏.‏

طلاق الحامل

6 - يصحّ طلاق الحامل رجعيّا وبائنا باتّفاق الفقهاء‏.‏ ويعتبر طلاقها طلاق السّنّة إن طلّقها واحدة عن عامّة الفقهاء، أو ثلاثا يفصل بين كلّ تطليقتين بشهر عند البعض، وانظر ‏(‏طلاق‏)‏‏.‏ فإذا طلّقها رجعيّا صحّ رجوع الزّوج إليها أثناء العدّة‏.‏ ويصحّ له نكاحها بعد انقضاء العدّة أو إذا طلّقها بائنا بطلقة أو طلقتين، بخلاف ما إذا طلّقها ثلاثا حيث لا يجوز نكاحها مطلقا إلاّ بعد وضع الحمل ولا تحلّ لمطلّقها ثلاثا إلاّ بعد أن تنكح زوجا غيره‏.‏ وإذا علّق الطّلاق بحمل كأن قال‏:‏ إن كنت حاملا فأنت طالق، فإن كان بها حمل ظاهر وقع الطّلاق في الحال عند الجمهور، وإلاّ، فإن ولدته لدون ستّة أشهر وقع من حين التّعليق ‏;‏ لثبوت الحمل، إذ أقلّ مدّته ستّة أشهر‏.‏ أمّا إذا ولدت بعد ستّة أشهر ففيه تفصيل ينظر في بحث‏:‏ ‏(‏طلاق‏)‏‏.‏

عدّة الحامل

7 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ عدّة الحامل وضع الحمل ‏;‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ‏}‏‏.‏ ولأنّ القصد من العدّة تعرّف براءة الرّحم، وهي حاصلة بوضع الحمل‏.‏ وفي بعض صور العدّة خلاف وتفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏عدّة‏)‏‏.‏

نفقة الحامل

8 - تجب النّفقة والسّكنى للحامل المطلّقة طلاقا رجعيّا أو بائنا حتّى تضع حملها وذلك باتّفاق الفقهاء، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإن كنّ أولات حمل فأنفقوا عليهنّ حتّى يضعن حملهنّ‏}‏‏.‏

9- وفي وجوب النّفقة للحامل النّاشز خلاف بين الفقهاء‏:‏ قال المالكيّة‏:‏ لا تسقط نفقة الحامل النّاشز ‏;‏ لأنّ النّفقة حيث لم تحمل خاصّة لها فتسقط بالنّشوز، ومع حملها تجب النّفقة لها وللحمل‏.‏ وعدم سقوط النّفقة بنشوز الحامل إحدى الرّوايتين عند الحنابلة وقول عند الشّافعيّة أيضا بناء على أنّ النّفقة للحمل نفسه، والحامل طريق وصول النّفقة إليه لأنّه يتغذّى بغذاء أمّه‏.‏ والمعتمد عند الشّافعيّة وهو الرّواية الثّانية عند الحنابلة أنّ نفقة الحامل تسقط بنشوزها بناء على أنّ النّفقة لها لا للحمل ‏;‏ لأنّها لو كانت له لتقدّرت بقدر كفايته ‏;‏ ولأنّها تجب على الموسر والمعسر، ولو كانت له لما وجبت على المعسر، وإذا كان أصل النّفقة لها لا للحمل فتسقط بنشوزها‏.‏ وعلى هذا الخلاف بنى الشّافعيّة والحنابلة حكم الحامل من نكاح فاسد أو وطء شبهة، فإذا قيل إنّ النّفقة للحمل فعلى الزّوج أو الواطئ بشبهة النّفقة ‏;‏ لأنّه ولده فلزمته نفقته، كما بعد الوضع، وإن قيل للحامل لا تجب النّفقة على الواطئ بشبهة ولا على الزّوج مدّة عدّة الشّبهة‏.‏

10 - أمّا الحامل المتوفّى عنها زوجها فتسقط نفقتها بموت الزّوج عند جمهور الفقهاء ‏(‏الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة، وهو رواية عند الحنابلة‏)‏ لحديث‏:‏ ‏{‏ليس للحامل المتوفّى عنها زوجها نفقة‏}‏، ولأنّ الميّت إن كان له ميراث انتقل إلى الورثة، فنفقة الحمل نصيبه، وإن لم يكن له ميراث لم يلزم وارث الميّت الإنفاق على حمل امرأته كما بعد الولادة‏.‏ وفي الرّواية الثّانية عند الحنابلة، وهو قول بعض الحنفيّة لها النّفقة في جميع المال‏.‏

11 - أمّا الحامل من الزّنى فعند القائلين بجواز نكاحها إن تزوّجها الزّاني يحلّ وطؤها ولها النّفقة، وإن تزوّجها غيره لا يجوز وطؤها اتّفاقا، ولا تستحقّ النّفقة ‏;‏ لأنّ النّفقة وإن وجبت مع العقد الصّحيح لكن إذا لم يكن مانع من الدّخول من جهتها، وهنا يوجد مانع‏.‏

خروج جميع الحمل

12 - الوضع الّذي تنقضي به العدّة انفصال جميع الحمل، حتّى إذا خرج أكثر الولد لم تنقض العدّة، فتصحّ مراجعتها ولا تحلّ للأزواج عند جمهور الفقهاء ‏(‏الحنفيّة، والشّافعيّة، والحنابلة، وهو المعتمد عند المالكيّة‏)‏‏.‏ وقال ابن وهب من المالكيّة‏:‏ إنّها تحلّ بوضع ثلثي الحمل بناء على تبعيّة الأقلّ للأكثر‏.‏ ونقل ابن عابدين عن البحر أنّه لو خرج أكثر الولد ينقضي به العدّة من وجه دون وجه فلا تصحّ الرّجعة‏.‏‏.‏‏.‏ ولا تحلّ للأزواج أيضا ‏;‏ لأنّه قام مقام الكلّ في حقّ انقطاع الرّجعة احتياطا، ولا يقوم مقام الكلّ في حقّ حلّها للأزواج احتياطا‏.‏

13 - واتّفق الفقهاء على أنّ الحمل إذا كان اثنين أو أكثر لم تنقض عدّتها إلاّ بوضع الآخر ‏;‏ لأنّ الحمل اسم لجميع ما في البطن، والعدّة شرعت لمعرفة البراءة من الحمل، فإذا علم وجود الثّاني أو الثّالث فقد تيقّن وجود الموجب للعدّة، وانتفت البراءة الموجبة لانقضائها‏.‏ وهذا إذا كان بين وضع الحمل الأوّل والأخير أقلّ من ستّة أشهر، أمّا إذا كان بينهما ستّة أشهر فأكثر ففيه تفصيل ينظر في مصطلح‏:‏ ‏(‏عدّة‏)‏‏.‏

14 - والمراد بالحمل الّذي تنقضي العدّة بوضعه ما يتبيّن فيه شيء من خلقه ولو كان ميّتا أو مضغة تصوّرت، ولو صورة خفيّة تثبت بشهادة الثّقات من القوابل، وهذا عند جمهور الفقهاء ‏(‏الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة‏)‏‏.‏ وكذلك إذا كانت مضغة لم تتصوّر لكن شهد الثّقات من القوابل أنّها مبدأ خلقة آدميّ لو بقيت لتصوّرت في المذهب عند الشّافعيّة وهو رواية عند الحنابلة لحصول براءة الرّحم به‏.‏ وقال الحنفيّة وهو قول آخر عند الشّافعيّة ورواية عند الحنابلة لا تنقضي به العدّة ‏;‏ لأنّ الحمل اسم لنطفة متغيّرة، فإذا كان مضغة أو علقة لم تتغيّر ولم تتصوّر فلا يعرف كونها متغيّرة إلاّ باستبانة بعض الخلق‏.‏ أمّا إذا ألقت نطفة أو علقة أو دما أو وضعت مضغة لا صورة فيها فلا تنقضي العدّة به عندهم‏.‏ وقال المالكيّة‏:‏ إن كان دما اجتمع بحيث إذا صبّ عليه الماء الحارّ لم يذب يعتبر حملا تنقضي العدّة بوضعه‏.‏ وتفصيل هذه المسائل في مصطلح‏:‏ ‏(‏عدّة‏)‏‏.‏

تصرّفات الحامل

15 - ذهب جمهور الفقهاء‏:‏ ‏(‏الحنفيّة والشّافعيّة، وهو المذهب عند الحنابلة‏)‏ إلى أنّ الحامل لها أهليّة تامّة ولا تحدّ تصرّفاتها بسبب الحمل، ولا تعتبر مريضة مرض الموت إلاّ إذا جاءها الطّلق ‏;‏ لأنّه ألم شديد يخاف منه التّلف، فأشبهت صاحب سائر الأمراض المخوفة‏.‏ وأمّا قبل ذلك فلا ألم بها، واحتمال وجوده خلاف العادة، فلا يثبت الحكم باحتماله البعيد، كما لا يعتبر احتمال الإسقاط في كلّ ساعة‏.‏ وذهب المالكيّة، وهو قول آخر عند الحنابلة‏:‏ إلى أنّ الحامل بعد ستّة أشهر تعتبر مريضة مرض الموت ‏;‏ لأنّها تتوقّع الولادة كلّ ساعة‏.‏ ويشترط المالكيّة للحجر على الحامل أن تكون قد دخلت في الشّهر السّابع بيوم كامل على الأقلّ، فلو تبرّعت بعد السّتّة وقبل تمام اليوم الّذي هو في السّابع بأن كان في أثنائه كان تبرّعها ماضيا‏.‏ وحيث اعتبرت الحامل مريضة مرض الموت، ينفذ تبرّعها بما لا يزيد عن الثّلث، كالوصيّة، إلى غير ذلك من أحكام مرض الموت‏.‏ وينظر التّفصيل في بحث‏:‏ ‏(‏مرض الموت‏)‏‏.‏

استيفاء الحدود من الحامل

16 - اتّفق الفقهاء على أنّه لا يقام الحدّ على حامل حتّى تضع، سواء أكان الحمل من زنى أم غيره، فلا تقتل إذا ارتدّت، ولا ترجم إذا زنت، ولا تقطع إذا سرقت، ولا تجلد إذا قذفت أو شربت حتّى تضع حملها ‏;‏ لما روي عن بريدة رضي الله عنه ‏{‏أنّ امرأة من بني غامد قالت‏:‏ يا رسول اللّه طهّرني، قال وما ذاك‏؟‏ قالت‏:‏ إنّها حبلى من زنى‏.‏ قال‏:‏ أنت‏؟‏ قالت‏:‏ نعم، فقال لها‏:‏ ارجعي حتّى تضعي ما في بطنك، قال‏:‏ فكفلها رجل من الأنصار حتّى وضعت، قال‏:‏ فأتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من ترضعه‏.‏ فقام رجل من الأنصار فقال‏:‏ إليّ إرضاعه يا نبيّ اللّه، قال‏:‏ فرجمها‏}‏‏.‏ ولأنّ في إقامة الحدّ عليها في حال حملها إتلافا لمعصوم، ولا سبيل إليه، وسواء أكان الحدّ رجما أم غيره ‏;‏ لأنّه لا يؤمن تلف الولد من سراية الضّرب والقطع، وربّما سرى إلى نفس المضروب والمقطوع، فيفوت الولد بفواته‏.‏ فإذا وضعت الولد، فإن كان الحدّ رجما لا يؤخّر عند الحنفيّة والمالكيّة إلاّ إذا لم يوجد من يرضعه أو يتكفّل برضاعه، وقال الشّافعيّة والحنابلة‏:‏ لا تحدّ حتّى تسقيه اللّبأ، وهو اللّبن أوّل النّتاج لاحتياج الولد إليه غالبا‏.‏ أمّا إذا لم يوجد من يرضعه أو يتكفّل برضاعه تركت حتّى تفطمه باتّفاق الفقهاء‏.‏ وإن كان الحدّ جلدا، فإذا وضعت الولد وانقطع النّفاس وكانت قويّة يؤمن تلفها أقيم عليها الحدّ، وإن كانت في نفاسها أو ضعيفة يخاف عليها التّلف لم يقم عليها الحدّ حتّى تطهر وتقوى، فيستوفى الحدّ على وجه الكمال من غير خوف فواته وهذا عند جمهور الفقهاء‏:‏ ‏(‏الحنفيّة والشّافعيّة وهو المعتمد عند الحنابلة‏)‏ لما ورد في حديث أبي بكرة‏:‏ ‏{‏أنّ المرأة انطلقت فولدت غلاما، فجاءت به النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال لها‏:‏ انطلقي فتطهّري من الدّم‏}‏‏.‏ والتّعزير بالجلد ونحوه حكمه حكم الحدّ جلدا من حيث التّأخير وعدمه‏.‏ ويعتبر قولها إن ادّعت الحمل عند جمهور الفقهاء لقبول النّبيّ صلى الله عليه وسلم قول الغامديّة‏.‏ وقال المالكيّة‏:‏ لا يقبل قولها بمجرّد دعواها، بل بظهور أمارات الحمل‏.‏ ومثل الحدود، حكم القصاص في النّفس والأطراف‏.‏ ‏(‏ر‏:‏ حدّ، قصاص‏)‏‏.‏

الاعتداء على الحامل

17 - الاعتداء على الحامل بالضّرب وغيره جريمة كالاعتداء على أيّ إنسان ينظر حكمه في مصطلح‏:‏ ‏(‏جناية‏)‏ فإذا تسبّب الاعتداء في سقوط الجنين ميّتا ففيه غرّة اتّفاقا ‏;‏ لما روي عن أبي هريرة قال‏:‏ ‏{‏قضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميّتا بغرّة‏:‏ عبد أو أمة‏.‏ ثمّ إنّ المرأة الّتي قضى عليها بالغرّة توفّيت‏.‏ فقضى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بأنّ ميراثها لبنيها وزوجها‏.‏ وأنّ العقل على عصبتها‏}‏‏.‏ وتجب الغرّة أيضا إذا أسقطته الحامل بدواء أو فعل كضرب بطنها مثلا‏.‏ والغرّة عبد أو أمة قيمتها نصف عشر دية أمّ الجنين، تجب على عاقلة الجاني عند جمهور الفقهاء، خلافا للحنابلة ومن معهم إذا كان الاعتداء عمدا حيث يقولون بوجوبها في مال الجاني‏.‏ ‏(‏ر غرّة‏)‏‏.‏

18 - وإذا ألقت به حيّا حياة محقّقة بأن استهلّ صارخا مثلا ثمّ مات بسبب الاعتداء فدية كاملة وكفّارة اتّفاقا، إذا كان الاعتداء خطأ، وكذلك إذا كان عمدا عند جمهور الفقهاء‏:‏ ‏(‏الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة وهو رواية عند المالكيّة‏)‏‏.‏ وفي رواية أخرى عند المالكيّة يجب فيه القصاص إذا كان عمدا‏.‏ وتفصيله في مصطلحات‏:‏ ‏(‏إجهاض، جنين، غرّة‏)‏‏.‏

موت الحامل وفي بطنها جنين حيّ

19 - صرّح الحنفيّة والشّافعيّة - وهو قول سحنون وابن يونس من المالكيّة - بأنّ الحامل إذا ماتت وفي بطنها جنين حيّ شقّ بطنها ويخرج ولدها ‏;‏ لأنّه استبقاء حيّ بإتلاف جزء من الميّت، فأشبه ما إذا اضطرّ إلى أكل جزء من الميّت، وإحياء نفس أولى من صيانة ميّت ‏;‏ ولأنّه يجوز شقّ بطن الميّت لإخراج مال الغير منه، فلإبقاء الحيّ أولى‏.‏ والمذهب عند الحنابلة وهو المعتمد عند المالكيّة أنّه لا يبقر بطن حامل عن جنين، ولو رجي خروجه حيّا ‏;‏ لأنّ هذا الولد لا يعيش عادة ولا يتحقّق أن يحيا، فلا يجوز هتك حرمة متيقّنة لأمر موهوم، وقد روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏ ‏{‏كسر عظم الميّت ككسر عظم الحيّ‏}‏‏.‏ وفصّل النّوويّ في المجموع فقال‏:‏ إن رجي حياة الجنين وجب شقّ بطنها وإخراجه، وذلك بأن يكون له ستّة أشهر فأكثر، فإن لم ترج حياته فثلاثة أوجه‏:‏ أصحّها لا تشقّ لكنّها لا تدفن حتّى يموت الجنين‏.‏ واتّفق الفقهاء على أنّه إن قدر على إخراجه بحيلة غير شقّ البطن، كأن يسطو عليه القوابل فيخرجنه فعل‏.‏ أمّا إن مات الولد في بطنها وهي حيّة جاز قطع الجنين لإنقاذ حياة الأمّ بلا خلاف‏.‏ ‏(‏ر‏.‏ إجهاض‏)‏‏.‏

غسل وتكفين الحامل

20 - إن ماتت امرأة كافرة وهي حامل من مسلم فقد صرّح الحنفيّة والشّافعيّة بجواز أن يغسّلها ويكفّنها المسلم، والحكم عند الشّافعيّة في جواز الغسل شامل لسائر الكفّار‏.‏ وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّه لا يجوز للمسلم تغسيل وتكفين الكافر ولو كان ذمّيّا ‏;‏ لأنّ الغسل تعظيم للميّت وتطهير له، والكافر لا يستحقّ ذلك، ولم يعثر في كلامهم على استثناء الحامل إذا ماتت وفي بطنها جنين من مسلم‏.‏ ويفهم من كلام المالكيّة عدم الجواز مطلقا‏.‏ حيث قالوا‏:‏ بعدم حرمة جنين الحامل حتّى يولد صارخا‏.‏ هذا، ولا يجوز الصّلاة عليها ولا الدّعاء لها باتّفاق الفقهاء‏.‏

دفن الحامل

21 - إذا ماتت الحامل وفي بطنها جنين حيّ يؤجّل دفنها باتّفاق الفقهاء، حتّى يخرج ولدها بشقّ البطن أو بحيلة إن رجي خروجه حيّا أو يتيقّن موته، على التّفصيل السّابق‏.‏ وصرّح بعض الفقهاء من الشّافعيّة بتأخير دفنها ولو تغيّرت لئلاّ يدفن الحمل حيّا‏.‏ والأصل أنّ الميّت يدفن في مقابر المسلمين إذا كان مسلما، وفي مقابر الكفّار إذا كان كافرا، ولهذا صرّح المالكيّة - وهو قول عند الحنفيّة - بأنّ الحامل الكافرة تدفن في مقبرة الكفّار ولو كان في بطنها جنين من مسلم بشبهة، أو نكاح كتابيّة، أو مجوسيّة أسلم زوجها، وذلك لعدم حرمة جنينها حتّى يولد صارخا‏.‏ وقال الشّافعيّة والحنابلة - وهو قول واثلة بن الأسقع -‏:‏ تدفن بين مقابر المسلمين والكفّار ‏;‏ لأنّها كافرة لا تدفن في مقبرة المسلمين فيتأذّوا بعذابها، ولا في مقبرة الكفّار ‏;‏ لأنّ ولدها مسلم فيتأذّى بعذابهم‏.‏ ونقل عن الحنفيّة قول‏:‏ بدفنها في مقابر المسلمين ترجيحا لجانب الولد‏.‏ ويجعل ظهرها إلى القبلة على جانبها الأيسر ليكون وجه الجنين إلى القبلة على جانبه الأيمن، قالوا‏:‏ لأنّ وجه الجنين إلى ظهرها‏.‏

ثانيا‏:‏ حمل الحيوان‏:‏ الحامل من الحيوان لها بعض الأحكام ذكرها الفقهاء في مباحث التّذكية، والزّكاة، والأضحيّة والبيع‏.‏ وفيما يلي مجملها‏.‏

أ - ‏(‏في التّذكية‏)‏‏:‏

22 - إذا ذبح الحيوان ووجد في بطنه جنين فإن كان غير كامل الخلقة فلا يحلّ، وكذلك إن كان ميّتا ويعلم أنّ موته كان قبل تذكية أمّه بلا خلاف‏.‏ وإن خرج حيّا حياة مستقرّة لا يحلّ إلاّ بالتّذكية اتّفاقا ‏;‏ لأنّه نفس مستقلّة فلا بدّ من ذكاتها‏.‏ أمّا إن خرج بعد تذكية الحامل من غير أن يعلم موته قبل التّذكية، وغلب على الظّنّ أنّ موته بسبب تذكية أمّه فجمهور الفقهاء ‏(‏المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة والصّاحبان من الحنفيّة‏)‏ على أنّه يحلّ أكله ‏;‏ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏{‏ذكاة الجنين ذكاة أمّه‏}‏‏.‏ ولأنّ الجنين متّصل بها اتّصال خلقة يتغذّى بغذائها، ويباع ببيعها، فتكون ذكاته بذكاتها كأعضائها‏.‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يحلّ حتّى يخرج حيّا فيذكّى، لأنّه حيوان ينفرد بحياته، فلا يتذكّى بذكاة غيره كما بعد الوضع‏.‏ وتفصيله في مصطلحي‏:‏ ‏(‏أطعمة، وتذكية‏)‏‏.‏

ب - ‏(‏في الزّكاة والأضحيّة‏)‏‏:‏

23 - ليس للسّاعي أن يأخذ الحامل في زكاة الحيوان، لقول عمر رضي الله عنه‏:‏ «لا تؤخذ الرّبى ولا الماخض ولا الأكولة ‏"‏ والماخض هي الحامل‏.‏ وإن تطوّع ربّ المال بإخراجها جاز أخذها، وله ثواب الفضل، وهذا باتّفاق الفقهاء‏.‏ ولم يذكر جمهور الفقهاء الحمل عيبا في الأضحيّة، خلافا للشّافعيّة، حيث صرّحوا بعدم إجزائها في الأضحيّة ‏;‏ لأنّ الحمل يفسد الجوف ويصيّر اللّحم رديئا‏.‏ ‏(‏ر‏:‏ زكاة، أضحيّة‏)‏‏.‏

ج - ‏(‏في البيع‏)‏‏:‏

24 - يجوز بيع الحامل مع جنينها صفقة واحدة، ولا يجوز استثناء الحمل في البيع أو ذكر ثمن مستقلّ للجنين في العقد، وهذا باتّفاق الفقهاء ‏;‏ لأنّ من شروط عقد البيع أن يكون المعقود عليه موجودا حين العقد، فلا يجوز بيع المضامين والملاقيح، أي ما في أصلاب الفحول وما في أرحام الأنعام والخيل من الأجنّة‏.‏ وكذلك لا يجوز بيع حبل الحبلة أي نتاج النّتاج، لحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما ‏{‏أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة‏}‏‏.‏

حباء

انظر‏:‏ مهر، حلوان‏.‏

حبّ

انظر‏:‏ محبّة‏.‏